فوضى الأفكار
بعد أن تقرأ هذه الكوميديا السّوداء، أخبرني.. هل ستكفّ عن التفكير المفرط في كلّ ما يستحقّ ومالا يستحقّ؟!
فوضى الأفكار
وسألتُ نفسي عنّي، علّ ضباب الأفكار المتخبّطة يزول تدريجيا، وتتّضحُ ولو قليلا.. فكرة!
فما زادني ذلك إلّا تيْها وحيرة!
أحملقُ في المرآة جالسًا بعيونٍ شاردة وحاضرة في الوقت نفسه..
أقلبُ الطّاولة داخل رأسي.. وكمجنونٍ أبحثُ عن معنى!
أفزعُ قائما.. تاركًا كلّ شيء.. آملاً أن فوضاي لم تتسرب إلى الخارج..
تجرّني رجلاي.. إنّها حتّى لم تعد تحتمل ثقل الفوضى بداخلي، فتعبّر عن ذلك بألمٍ كنوع من أنواع التنبيه بأن عدد الأفكار المسموح بها اليوم قد تجاوز حدّه!
لكنّ اليوم لم ينتهِ.. وعليّ إجراء عمليّة إخلاء لكلّ فكرة تحوم في رأسي.. فكيف يمضي اليوم؟ وكيف أمضي دون أي فكرة؟!
يصيحُ مُخّي محذّرا : "عليكِ إجراء العملية الآن وإلاّ فلتبحثي عن بديلٍ آخر غيري، لا أحتملُ كلّ هذا الضغط!"
وتهمسُ بقيّة الأعضاء بنبرةٍ خافتة كتعبيرٍ عن إحساسها بمعاناة القائد:
"يالا المسكين.. كيف يحتمل كلّ هذا؟!"
وأتخبّطُ أنا:
"فهل أقوم بعملية الإخلاء؟ ماذا لو خاطرتُ وجرّبتُ أن أمضي مع كلّ هذه الأفكار؟ فمالذي سيجري؟ ولا أعتقدُ أن مخّي سيتخلّى عنّي ويتركني!.. نعم صحيح.. لن أجري العملية."
وبعدَ فترةٍ قصيرة من اتّخاذِ القرار المشؤوم..
فجأةً شعرتُ بألمٍ فظيعٍ عند الجبين وأعلى العينين..
أرسلتُ رسالة سريعة لمخي: "مالّذي جرى؟"
ودعوتُ الله أن لا يكون قد حدثَ الّذي بِبالي!
مضت خمس دقائق دون ردّ.. ساورني شكّ مُميت..
أرسلتُ الرّسالة نفسها لبقيّة الأعضاء، لعلّ أحدهم يجيبني بالّذي طرأ!
لتصلني رسالة في الوقت نفسه من قلبي يقول فيها:
"عزيزتي هبة، لقد غادرنا المخّ وتركنا، والفوضى من حولنا وبكلّ مكان، إنّ الأفكارَ قلبت حياتنا جحيمًا، وعثت داخل الرّأس الفساد، أظنّه سبب الصّداع الّذي شعرتِ به.
لقد انهار المخّ عندما لم يتلقّ منكِ أي أمرٍ بشأن عملية الإخلاء، وبكى من فرطِ الانهيار، ثمّ قال مُرددا:
"لا أستطيع.. لا أستطيع" ومضى مُغادرًا!
حاولنا إيقافه.. لكنّه رفض.
أتساءلُ مالّذي جعلك ترفضين طلبه الذي كان يصبّ في مصلحتكِ ومصلحتنا جميعًا..
إنّ الأعضاء الآن تنهشُ بعضها وجميعها غاضبةٌ منك..
إنّني وحدي قبلتُ مُراسلتكِ وإخباركِ بالّذي يجري دونَ علمِ البقيّة؛ لأننا اتّفقنا جميعًا على مخاصمتك إلى حين رجوع القائد، ولقد خنتُ العهد رأفةً منّي عليكِ و..."
لم أكد أُنهي قراءة الرّسالة حتّى شعرتُ بنخزةٍ قويّة في قلبي..
وتمتمتُ ببطئٍ مقيت:
"مالّذي فعلته يا هبة؟ مالّذي فعلته؟!"
مجلة الأستاذة
تعليقات
إرسال تعليق
نتشرف بتعليقاتكم على مجلتنا